فصل: (الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الصَّدَقَةِ):

صباحاً 0 :57
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
19
الجمعة
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الصَّدَقَةِ):

الصَّدَقَةُ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ فِي الْمُشَاعِ وَغَيْرِ الْمُشَاعِ وَحَاجَتِهَا إلَى الْقَبْضِ، إلَّا أَنَّهُ لَا رُجُوعَ فِي الصَّدَقَةِ إذَا تَمَّتْ وَيَسْتَوِي إنْ تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ فِي أَنَّهُ لَا رُجُوعَ فِيهَا وَمِنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ يَقُولُ الصَّدَقَةُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْهِبَةُ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِدَارٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَوْبًا بِنِيَّةِ الصَّدَقَةِ فَأَخَذَهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ فَرَدَّهُ عَلَى الدَّافِعِ لَا يَحِلُّ لِلدَّافِعِ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَالَ عَنْ مِلْكِهِ حِينَ قَبَضَهُ الرَّجُلُ فَإِنْ أَخَذَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
الْهِبَةُ لَا تَصِحُّ إلَّا بِقَبُولٍ بِالْقَوْلِ وَاسْتُحْسِنَ فِي صِحَّةِ الصَّدَقَةِ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ بِالْقَوْلِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ فِي كَافَّةِ الْأَعْصَار بِالتَّصَدُّقِ عَلَى الْفُقَرَاءِ مِنْ غَيْرِ إظْهَارِهِمْ الْقَبُولَ بِالْقَوْلِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَالصَّدَقَةُ الْفَاسِدَةُ كَالْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيَّيْنِ جَازَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرَيْنِ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ تَصَدَّقَ بِقِطْعَةِ نُقْرَةٍ عَلَى فَقِيرَيْنِ جَازَ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
رَجُلٌ وَهَبَ لِمَسَاكِينَ هِبَةً وَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا أَعْطَى سَائِلًا أَوْ مُحْتَاجًا عَلَى وَجْهِ الْحَاجَةِ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى الصَّدَقَةِ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ فِي يَدِهِ دَرَاهِمُ، فَقَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَتَصَدَّقَ بِغَيْرِهَا، قَالَ نُصَيْرٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ حَتَّى هَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْفَتَاوَى سُئِلَ ابْنُ سَلَمَةَ عَمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَى امْرَأَةٍ وَهِيَ مُعْسِرَةٌ غَيْرَ أَنَّ لَهَا زَوْجًا مُوسِرًا، قَالَ: إنْ كَانَ الزَّوْجُ يُوَسِّعُ عَلَيْهَا النَّفَقَةَ فَهِيَ مُوسِرَةٌ بِغِنَى الزَّوْجِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
وَفِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِصَدَقَةٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقَالَهُ الصَّدَقَةَ فَأَقَالَهُ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَقْبِضَ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ إذَا كَانَتْ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ لَا يَفْسَخُهُ الْقَاضِي إذَا اخْتَصَمَا إلَيْهِ فَهَذَا حُكْمُهُ وَكُلُّ شَيْءٍ فَسَخَهُ الْقَاضِي إذَا اخْتَصَمَا إلَيْهِ فَأَقَالَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَهُوَ مَالٌ لِلْوَاهِبِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَقْبَلُ الْإِقَالَةَ وَالْفَسْخَ فَيَجْعَلُ إقَالَةَ الصَّدَقَةِ تَمْلِيكًا مُبْتَدَأً وَهِبَةً مُبْتَدَأَةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَوْ تَنَاقَضَا الصَّدَقَةَ فَمَاتَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُتَصَدِّقُ فَإِنَّ الْمُنَاقَضَةَ بَاطِلَةٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي هِبَةٍ كَانَتْ الْمُنَاقَضَةُ جَائِزَةً، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَوْ أَعْطَى رَجُلًا دَارًا عَلَى أَنَّ نِصْفَهَا صَدَقَةٌ عَلَيْهِ وَنِصْفَهَا هِبَةٌ وَقَبَضَ الرَّجُلُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي نِصْفِ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ نِصْفٍ عَلَى حِدَةٍ وَالشُّيُوعُ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا تَصَدَّقَ بِدَارِهِ عَلَى امْرَأَتِهِ وَعَلَى مَا فِي بَطْنِهَا وَهِيَ حَامِلٌ لَمْ يَجُزْ شَيْءٌ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: تَصَدَّقْتُ عَلَيْكِ وَعَلَى غُلَامِي أَوْ قَالَ عَلَيْكِ وَعَلَى نَفْسِي بِهَذِهِ الدَّارِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ قَالَ: تَصَدَّقْتُ عَلَيْكِ وَعَلَى الرَّجُلِ الَّذِي فِي هَذَا الْبَيْتِ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ إنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ قَالَ: تَصَدَّقْتُ بِهَذِهِ الدَّارِ عَلَى بَنِيَّ الصِّغَارِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ وَكَانَ بَعْضُهُمْ مَيِّتًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَالصَّدَقَةُ بَاطِلَةٌ، وَلَوْ قَالَ هَذَا وَهُوَ يَعْلَمُ بِمَوْتِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ جَازَتْ الصَّدَقَةُ وَكُلُّهَا لِلْحَيِّ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْإِيجَابَ إذَا وَقَعَ لِمَنْ يَمْلِكُ وَلِمَنْ لَا يَمْلِكُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَانَ الْإِيجَابُ بِكَمَالِهِ لِمَنْ يَمْلِكُ وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَتَمَكَّنُ الشُّيُوعُ أَصْلًا فَيَجُوزُ الْإِيجَابُ، وَإِذَا وَقَعَ الْإِيجَابُ لِشَخْصَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ يَمْلِكُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَالْإِيجَابُ يَكُونُ لَهُمَا وَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَمَكَّنُ الشُّيُوعُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَيَمْنَعُ جَوَازَ الْإِيجَابِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الشُّيُوعَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَانِعًا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِصَدَقَةٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَالْمُتَصَدِّقُ وَارِثُهُ فَوَرِثَ تِلْكَ الصَّدَقَةَ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ فِي الْإِصَابَةِ مِنْهَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
إذَا قَالَ: جَعَلْتُ غَلَّةَ دَارِي هَذِهِ صَدَقَةً فِي الْمَسَاكِينِ، أَوْ قَالَ دَارِي هَذِهِ صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ، فَمَا دَامَ حَيًّا يُؤْمَرُ بِالتَّصَدُّقِ، وَإِذَا مَاتَ قَبْلَ تَنْفِيذِ الصَّدَقَةِ فَالدَّارُ وَالْغَلَّةُ مِيرَاثٌ عَنْهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ كَانَ حَيًّا وَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا أَجْزَأَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَمَنْ قَالَ: مَالِي أَوْ مَا أَمْلِكُ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ، فَهُوَ عَلَى مَالِ الزَّكَاةِ وَيَدْخُلُ فِيهِ جِنْسُ مَا يَجِبُ فِي الزَّكَاةِ وَهِيَ السَّوَائِمُ وَالنَّقْدَانِ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ، سَوَاءٌ بَلَغَتْ نِصَابًا أَوْ لَمْ تَبْلُغْ قَدْرَ النِّصَابِ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَتَدْخُلُ فِيهِ الْأَرَاضِي الْعُشْرِيَّةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا تَدْخُلُ وَلَا تَدْخُلُ الْأَرَاضِي الْخَرَاجِيَّةُ وَلَا يَدْخُلُ الرَّقِيقُ لِلْخِدْمَةِ وَلَا الْعَقَارُ وَأَثَاثُ الْمَنَازِلِ وَثِيَابُ الْبِذْلَةِ وَسِلَاحُ الِاسْتِعْمَالِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ مِنْ أَمْوَالِ الزَّكَاةِ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ فِي قَوْلِهِ مَا أَمْلِكُ أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا يَمْلِكُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنَّمَا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِي قَوْلِهِ: مَالِي صَدَقَةٌ، أَوْ جَمِيعُ مَالِي صَدَقَةٌ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُمَا يُسْتَعْمَلَانِ اسْتِعْمَالًا وَاحِدًا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى فِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي.
وَيُمْسِكُ مِنْ ذَلِكَ قُوتَهُ فَإِذَا أَصَابَ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ تَصَدَّقَ بِمَا أَمْسَكَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْكِتَابِ مِقْدَارَ مَا يُمْسِكُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ عِيَالِهِ وَكَثْرَتِهِمْ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ مُحْتَرِفًا يُمْسِكُ قُوتَ يَوْمٍ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ غَلَّةٍ أَمْسَكَ قُوتَ شَهْرٍ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ ضِيَاعٍ أَمْسَكَ قُوتَ سَنَةٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَذَكَرَ فِي الْأَجْنَاسِ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَوْ قَالَ: مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ، وَلَهُ دَرَاهِمُ عَلَى النَّاسِ لَا يَلْزَمُ التَّصَدُّقُ بِهَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَوْ قَالَ: مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ وَلَهُ دُيُونٌ وَلَا نِيَّةَ دَخَلَ وَدَخَلَ فِيهِ أَرْضُ الْعُشْرِ دُونَ الْخَرَاجِ وَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَتَصَدَّقُ بِهِمَا جَمِيعًا فِيهِ وَلَوْ حَلَفَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا يَمْلِكُ دَخَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَمَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ وَثِيَابُهُ وَمَتَاعُ الْبَيْتِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
وَلَوْ قَالَ: مَالِي صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ إنْ فَعَلْتُ كَذَا، فَفَعَلَ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَدْخُلُ إلَّا الصَّامِتُ وَأَمْوَالُ التِّجَارَةِ وَلَا يَدْخُلُ عَلَى النَّاسِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ جَمِيعَ مَالِي أَوْ جَمِيعَ مِلْكِي يَدْخُلُ فِيهِ مَا يَمْلِكُ وَقْتَ النَّذْرِ فَيَجِبُ أَنْ يُهْدِيَ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَّا قَدْرَ قُوتِهِ فَإِذَا اسْتَفَادَ مَالًا آخَرَ أَهْدَى مِثْلَهُ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا الثَّوْبِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ وَيُمْسِكَ الثَّوْبَ وَلَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ، كَذَا عَنْ خَلَفٍ وَالْفَقِيهِ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِالتَّصَدُّقِ بِهَذَا الثَّوْبِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
وَذَكَرَ هِلَالُ بْنُ يَحْيَى فِي وَقْفِهِ لَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ، لَا تَصِيرُ صَدَقَةً؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ، وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ، وَأَشَارَ إلَيْهَا وَلَمْ يُحَدِّدْهَا تَصِيرُ صَدَقَةً؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ بِالْإِشَارَةِ صَارَتْ مَعْلُومَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ حَدَّدَهَا وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا بِالتَّحْدِيدِ صَارَتْ مَعْلُومَةً فَاسْتَغْنَى عَنْ الْإِشَارَةِ وَتَكُونُ هَذِهِ صَدَقَةَ التَّمْلِيكِ لَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي فَتَاوَى آهُو رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةً، وَقَالَ تَصَدَّقْ بِهَا عَلَى فُلَانٍ الْفَقِيرِ فَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَأَمْسَكَ تِلْكَ الْعَشَرَةَ، قَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ: يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مِائَةَ مَنٍّ مِنْ حِنْطَةٍ، وَقَالَ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ الْفَقِيرِ فَدَفَعَ إلَى غَيْرِهِ فِي الْحَاوِي أَنَّهُ يَضْمَنُ، وَقَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ وُجِدَ فِي حَقِّ فَقِيرٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
مُحْتَاجٌ مَعَهُ دَرَاهِمُ فَالْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَإِنْ آثَرَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنَ الصَّبْرِ عَلَى الشِّدَّةِ، وَإِنْ خَافَ أَنْ لَا يَصْبِرَ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ التَّصَدُّقِ عَلَى الْمُكِدِّينَ الَّذِينَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إلْحَافًا وَيَأْكُلُونَ إسْرَافًا، قَالَ: مَا لَمْ يَظْهَرْ لَكَ أَنَّ مَا تَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ يُنْفَقُ فِي الْمَعْصِيَةِ أَوْ هُوَ غَنِيٌّ لَا بَأْسَ بِالتَّصَدُّقِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَأْجُورٌ بِمَا نَوَى مِنْ سَدِّ خَلَّتِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
الصَّبِيُّ إذَا تَصَدَّقَ بِمَالِهِ بِإِذْنِ الْأَبِ لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا تَصَدَّقَ بِعَبْدٍ آبِقٍ لَهُ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ، وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ فَحَصَلَ عَنْهُ رِوَايَتَانِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
رَجُلٌ فِي يَدِهِ دَارٌ فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَقُلْ قَبَضْتُهَا لَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ فَبَلَغَ الصَّبِيُّ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى قَوْلِ الْأَبِ فَالدَّارُ لَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
التَّصَدُّقُ بِثَمَنِ الْعَبْدِ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِعْتَاقِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
رَجُلٌ تَصَدَّقَ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ دَعَا لَهُ فَإِنَّهُ يَصِلُ الثَّوَابُ إلَى الْمَيِّتِ إذَا جَعَلَ ثَوَابَ عَمَلِهِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ جَازَ فِي السِّرَاجِيَّةِ.
تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ بِطَازَجَةٍ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ فَلَّسَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا ظَاهِرًا، قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ: إنْ كَانَ قَالَ: قَدْ مَلَكْتُ مِنْهُ فَلْسًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ طَازَجَةٌ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا، وَإِنْ قَالَ: مَلَكْتُ هَذَا، لَا يَسْتَرِدُّ، قَالَ سَيْفٌ السَّائِلِيُّ: لَا يَسْتَرِدُّ فِي الْحَالَتَيْنِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ أَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ مِنْ الْكِيسِ أَوْ مِنْ الْجَيْبِ لِيَدْفَعَهَا إلَى مِسْكِينٍ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَلَمْ يَدْفَعْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ تَصَدَّقَ بِأُدْمَةٍ وَدَفَعَهَا وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ أَوْ حُلِيٌّ جَازَ وَيَكُونُ الثَّوْبُ وَالْحُلِيُّ لِلَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ فِيمَنْ قَالَ لِآخَرَ كُلُّ مَنْفَعَةٍ تَصِلُ إلَيَّ مِنْ مَالِكَ فَعَلَى أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَا فَإِنْ وَهَبَ لَهُ شَيْئًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَإِنَّمَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِيمَنْ يُخْرِجُ كِسْرَةً إلَى مِسْكِينٍ فَلَمْ يَجِدْهُ قَالَ: يَضَعُهَا حَتَّى يَجِيءَ آخَرُ، وَإِنْ أَكَلَهَا أَطْعَمَ مِثْلَهَا، قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ مِثْلَهُ، وَقَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ: هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَضَاهَا، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْضِهَا، لَا تَجُوزُ الصَّدَقَةُ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَنْ أَخْرَجَ صَدَقَةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُمْضِ، وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
اخْتَلَفُوا فِي التَّصَدُّقِ عَلَى سَائِلِ الْمَسْجِدِ، قَالُوا: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى السَّائِلِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إعَانَةٌ عَلَى أَذَى النَّاسِ، وَعَنْ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: لَوْ كُنْتُ قَاضِيًا لَمْ أَقْبَلْ شَهَادَةَ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى سَائِلِ الْمَسْجِدِ، وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ إسْمَاعِيلَ الزَّاهِدِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: هَذَا فَلْسٌ وَاحِدٌ يَحْتَاجُ إلَى سَبْعِينَ فَلْسًا لِتَكُونَ تِلْكَ السَّبْعُونَ كَفَّارَةً عَنْ الْفَلْسِ الْوَاحِدِ وَلَكِنْ يَتَصَدَّقُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ أَوْ بَعْدَمَا خَرَجَ مِنْهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي تَجْنِيسِ النَّاصِرِيِّ إذَا قَالَ السَّائِلُ بِحَقِّ اللَّهِ أَوْ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُعْطِيَنِي، كَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ، وَالْأَحْسَنُ فِي الْمُرُوءَةِ أَنَّهُ يُعْطِيهِ، وَعَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: يُعْجِبُنِي إذَا سَأَلَ سَائِلٌ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ لَا يُعْطَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

.(كِتَابُ الْإِجَارَةِ):

(وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ بَابًا):

.(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْإِجَارَةِ وَرُكْنِهَا وَأَلْفَاظِهَا وَشَرَائِطِهَا وَبَيَانِ أَنْوَاعِهَا وَحُكْمِهَا وَكَيْفِيَّةِ انْعِقَادِهَا وَصِفَتِهَا):

(أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا) فَهِيَ عَقْدٌ عَلَى الْمَنَافِعِ بِعِوَضٍ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
(وَأَمَّا) (رُكْنُهَا) فَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِالْأَلْفَاظِ الْمَوْضُوعَةِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ.
(وَأَمَّا بَيَانُ أَلْفَاظِهَا) فَنَقُولُ الْإِجَارَةُ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْمَاضِي، نَحْوُ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا: آجَرْتُ هَذِهِ الدَّارَ، وَيَقُولُ الْآخَرُ: قَبِلْتُ أَوْ اسْتَأْجَرْتُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ أَحَدُهُمَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ، نَحْوُ: آجِرْنِي، فَيَقُولُ الْآخَرُ: آجَرْتُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصُّلْحِ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالصُّلْحِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِعَارَةِ، وَأَمَّا إذَا وَهَبَ مَنْفَعَةَ الدَّارِ مِنْ آخَرَ شَهْرًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَعَارَ عَيْنًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ شَهْرًا حَكَى أَبُو طَاهِرٍ الدَّبَّاسُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَبَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ يُعْتَبَرُ إجَارَةً، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي بَابِ الْعَطِيَّةِ مِنْ هِبَةِ الْأَصْلِ.
إذَا قَالَ دَارِي هَذِهِ لَكَ هِبَةُ إجَارَةٍ كُلُّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ قَالَ إجَارَةُ هِبَةٍ فَهِيَ إجَارَةٌ فِي الْوَجْهَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ، هَلْ تَكُونُ لَازِمَةً ذَكَرَ الْخَصَّافُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ لَازِمَةً حَتَّى كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ عَنْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَفْسَخَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِذَا سَكَنَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ: مَلَّكْتُكَ مَنْفَعَةَ دَارِي هَذِهِ شَهْرًا بِكَذَا، كَانَتْ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً، وَلَوْ قَالَ: آجَرْتُكَ مَنْفَعَةَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا بِكَذَا يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ: رَجُلٌ ادَّعَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَصَالَحَهُ عَلَى سُكْنَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ عَشْرَ سِنِينَ جَازَ فَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ آجَرَ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ الَّذِي صَالَحَهُ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ بَاعَ الْمُدَّعِي هَذِهِ السُّكْنَى بَيْعًا مِنْ رَجُلٍ لَمْ يُجِزْ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: إنَّمَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ السُّكْنَى لِتَرْكِ التَّوْقِيتِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ السُّكْنَى، وَإِنْ كَانَ مُوَقَّتًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: بِعْتُ مِنْكَ مَنَافِعَ هَذِهِ الدَّارِ كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا أَوْ هَذَا الشَّهْرُ بِكَذَا، ذَكَرَ فِي الْعُيُونِ أَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ، كَذَا فِي النِّهَايَة.
ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ فِي انْعِقَادِ الْإِجَارَةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ إذَا وُجِدَ التَّوْقِيتُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: اشْتَرَيْتُ مِنْكَ خِدْمَةَ عَبْدِكَ هَذَا شَهْرًا بِكَذَا، كَانَتْ إجَارَةً فَاسِدَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَعْطَيْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ سَنَةً يَخْدُمُكَ بِكَذَا جَازَ وَيَكُونُ إجَارَةً، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَتَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِالتَّعَاطِي، بَيَانُهُ فِيمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي إجَارَاتِ الْأَصْلِ فِي إجَارَةِ الثِّيَابِ إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ قُدُورًا بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا لَا يَجُوزُ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقُدُورِ مِنْ حَيْثُ الصِّغَرُ وَالْكِبَرُ فَإِنْ جَاءَ بِقُدُورٍ وَقَبِلَهَا الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ جَازَ وَيَكُونُ هَذَا إجَارَةً مُبْتَدَأَةً بِالتَّعَاطِي، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ بِالتَّعَاطِي وَلَا بِقَوْلِهِ (بِمِنْ كروكردى)، وَقَالَ الْآخَرُ (كردم)، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُمَا الْإِجَارَةَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْيَتِيمَةِ: سَأَلْتُ أَبَا يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الرَّجُلِ يَدْخُلُ السَّفِينَةَ أَوْ يَحْتَجِمُ أَوْ يَفْتَصِدُ أَوْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ أَوْ يَشْرَبُ الْمَاءَ مِنْ السِّقَاءِ ثُمَّ يَدْفَعُ الْأُجْرَةَ وَثَمَنَ الْمَاءِ، فَقَالَ: يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْعَقْدِ قَبْلَ ذَلِكَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
قَالَ لِآخَرَ: هَذِهِ الدَّارُ بِدِينَارٍ فِي سَنَةٍ، هَلْ رَضِيتَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْمِفْتَاحَ فَهُوَ إجَارَةٌ.
بِعْتُ مِنْكَ عَبْدِي بِمَنَافِعِ دَارِكَ سَنَةً وَقَبِلَ فَهُوَ إجَارَةٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ ذَهَبَ إلَى الصَّكَّاكِ لِيَكْتُبَ لَهُ صَكَّ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ لِمَحْدُودٍ لَهُ مَعَ رَجُلٍ وَبَيَّنَ الْمَحْدُودَ وَمَالِ الْإِجَارَةِ وَأَمَرَ الصَّكَّاكَ بِالْكِتَابَةِ وَبَيَّنَ أَيَّامَ الْفَسْخِ آخِرَ كُلِّ سَنَةٍ فَكَتَبَ الصَّكَّ بِحَضْرَةِ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْحُضُورِ، كَتَبُوا الشَّهَادَةَ وَلَكِنْ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا زِيَادَةٌ عَلَى هَذَا لَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا أَضَافَ الْإِجَارَةَ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِأَنْ قَالَ: آجَرْتُكَ دَارِي هَذِهِ غَدًا أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فَلَوْ أَرَادَ نَقْضَهَا قَبْلَ مَجِيءِ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ رِوَايَتَانِ، فِي رِوَايَةٍ قَالَ لَا يَصِحُّ النَّقْضُ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ يَصِحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ آجَرْتُ دَابَّتِي هَذِهِ غَدًا بِدِرْهَمٍ ثُمَّ آجَرَهَا الْيَوْمَ مِنْ غَيْرِهِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَجَاءَ الْغَدُ وَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ الثَّانِيَةَ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَصْحَابِنَا، فِي رِوَايَةٍ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ الثَّانِيَةَ وَبِهِ أَخَذَ نُصَيْرٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى بْنِ أَبَانَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّ الْإِجَارَةَ الْمُضَافَةَ لَازِمَةٌ قَبْلَ وَقْتِهَا فَلَا تَظْهَرُ الثَّانِيَةُ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى مُضَافَةً إلَى الْغَدِ ثُمَّ آجَرَ مِنْ غَيْرِهِ إجَارَةً نَاجِزَةً وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُضَافَةً إلَى الْغَدِ ثُمَّ بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى فِيهِ رِوَايَتَانِ، فِي رِوَايَةٍ قَالَ: لَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَبِيعَ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: إذَا بَاعَ أَوْ وَهَبَ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ جَازَ مَا صَنَعَ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَنْفُذُ الْبَيْعُ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ ثُمَّ إذَا نَفَذَ بَيْعُهُ فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ قَبْلَ مَجِيءِ وَقْتِ الْإِجَارَةِ عَادَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى حَالِهَا، وَإِنْ عَادَتْ بِمِلْكٍ مُسْتَقْبَلٍ لَا تَعُودُ الْإِجَارَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَقَدْ آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ وَيَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَعْلِيقٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- إضَافَةُ الْفَسْخِ إلَى مَجِيءِ الشَّهْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَوْقَاتِ صَحِيحٌ، وَتَعْلِيقُ الْفَسْخِ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْحُرُّ إذَا قَالَ: بِعْتُ نَفْسِي شَهْرًا بِكَذَا لِعَمَلِ كَذَا فَهُوَ إجَارَةٌ صَحِيحَةٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَوْبًا لِيَبِيعَهُ عَلَى أَنَّ مَا زَادَ عَلَى كَذَا فَهُوَ لَهُ، قَالَ هَذَا عَلَى جِهَةِ الْإِجَارَةِ وَهَذِهِ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَوْ ضَاعَ الثَّوْبُ مِنْ يَدِهِ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَأَمَّا شَرَائِطُهَا) فَأَنْوَاعٌ بَعْضُهَا شَرْطُ الِانْعِقَادِ وَبَعْضُهَا شَرْطُ النَّفَاذِ وَبَعْضُهَا شَرْطُ الصِّحَّةِ وَبَعْضُهَا شَرْطُ اللُّزُومِ.
أَمَّا شَرَائِطُ الِانْعِقَادِ فَمِنْهَا الْعَقْلُ حَتَّى لَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ مِنْ شَرَائِطِ الِانْعِقَادِ وَلَا مِنْ شَرَائِطِ النَّفَاذِ عِنْدَنَا حَتَّى إنَّ الصَّبِيَّ الْعَاقِلَ لَوْ آجَرَ مَالِهِ أَوْ نَفْسَهُ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا تَنْفُذُ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا تَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ عِنْدَنَا، وَكَذَا لَوْ آجَرَ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ نَفْسَهُ وَسَلِمَ وَعَمِلَ وَسَلِمَ مِنْ الْعَمَلِ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ فَيَكُونُ الْأَجْرُ لَهُ، وَكَذَا حُرِّيَّةُ الْعَاقِدِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِانْعِقَادِ الْإِجَارَةِ وَلَا لِنَفَاذِهَا عِنْدَنَا فَيَنْفُذُ عَقْدُ الْمَمْلُوكِ إنْ كَانَ مَأْذُونًا وَيَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى إنْ كَانَ مَحْجُورًا، وَإِذَا سَلَّمَ مِنْ الْعَمَلِ فِي إجَارَةِ نَفْسِهِ أَوْ إجَارَةِ مَالِ الْمَوْلَى وَجَبَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى وَيَكُونُ الْأَجْرُ لِلْمَوْلَى وَلَوْ هَلَكَ الصَّبِيُّ أَوْ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالُهُمَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَالْوَلِيِّ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ، وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ وَالْقِيمَةُ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُؤَاجِرَ وَيَسْتَأْجِرَ.
وَأَمَّا كَوْنُ الْعَاقِدِ طَائِعًا مُخْتَارًا عَامِدًا فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِانْعِقَادِ هَذَا الْعَقْدِ وَلَا لِنَفَاذِهِ عِنْدَنَا لَكِنَّهُ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ، وَإِسْلَامُهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ أَصْلًا فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ وَالِاسْتِئْجَارُ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ، وَأَمَّا خُلُوُّ الْعَاقِدِ عَنْ الرِّدَّةِ إذَا كَانَ ذَكَرًا فَشَرْطٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ.
وَمِنْهَا الْمِلْكُ وَالْوِلَايَةُ فَلَا تَنْفُذُ إجَارَةُ الْفُضُولِيِّ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَالْوِلَايَةِ لَكِنَّهَا تَنْعَقِدُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ عِنْدَنَا.
وَمِنْهَا قِيَامُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِذَا آجَرَ الْفُضُولِيُّ فَأَجَازَ الْمَالِكُ الْعَقْدَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لَمْ تَجُزْ إجَارَتُهُ وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ لِلْعَاقِدِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا قَدْ انْعَدَمَتْ وَإِجَارَةُ الْوَكِيلِ نَافِذَةٌ لِوُجُودِ الْوِلَايَةِ، وَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ مِنْ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْقَاضِي وَأَمِينِهِ نَافِذَةٌ لِوُجُودِ الْإِنَابَةِ مِنْ الشَّرْعِ وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ غَيْرِ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَالْجَدِّ وَوَصِيِّهِ مِنْ سَائِرِ ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ إذَا كَانَ لَهُ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي هَذَا كُلِّهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْإِجَارَةَ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ.
وَمِنْهَا تَسْلِيمُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي إجَارَةِ الْمَنَازِلِ وَنَحْوِهَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ مُطْلَقًا عَنْ شَرْطِ التَّعْجِيلِ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأَجْرِ وَلَوْ مَضَى بَعْضُ الْمُدَّةِ ثُمَّ سَلَّمَ فَلَا أَجْرَ لَهُ فِيمَا مَضَى.
وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ مُطْلَقًا عَنْ شَرْطِ الْخِيَارِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ خِيَارٌ لَا يَنْفُذُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ.
وَأَمَّا شَرَائِطُ الصِّحَّةِ فَمِنْهَا رِضَا الْمُتَعَاقِدِينَ.
وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومًا عِلْمًا يَمْنَعُ الْمُنَازَعَةَ فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا جَهَالَةً مُفْضِيَةً إلَى الْمُنَازَعَةِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَا.
وَمِنْهَا بَيَانُ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ: آجَرْتُكَ إحْدَى هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ أَوْ أَحَدَ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ، أَوْ: اسْتَأْجَرْتُ أَحَدَ هَذَيْنِ الصَّانِعَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ.
وَمِنْهَا بَيَانُ الْمُدَّةِ فِي الدُّورِ وَالْمَنَازِلِ وَالْحَوَانِيتِ وَفِي اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ.
وَأَمَّا بَيَانُ مَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ فِي إجَارَةِ الْمَنَازِلِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَعْمَلُ فِيهِ جَازَ، وَأَمَّا فِي إجَارَةِ الْأَرْضِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ وَفِي إجَارَةِ الدَّوَابِّ مِنْ بَيَانِ الْمُدَّةِ أَوْ الْمَكَانِ وَمِنْ بَيَانِ مَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ مِنْ الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ.
وَمِنْهَا بَيَانُ الْعَمَلِ فِي اسْتِئْجَارِ الضِّيَاعِ، وَكَذَا بَيَانُ الْمَعْمُولِ فِيهِ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِالْإِشَارَةِ وَالتَّعْيِينِ، أَوْ بَيَانُ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ فِي ثَوْبِ الْقِصَارَةِ وَالْخِيَاطَةِ، وَبَيَانُ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ فِي إجَارَةِ الرَّاعِي مِنْ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَعَدَدِهَا، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ جِنْسِ الْمَعْمُولِ فِيهِ وَنَوْعِهِ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمُدَّةِ فَقَطْ وَبَيَانُ الْمُدَّةِ فِي اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ شَرْطُ الْجَوَازِ بِمَنْزِلَةِ اسْتِئْجَارِ الْعَبْدِ لِلْخِدْمَةِ.
وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ الِاسْتِيفَاءِ- حَقِيقَةً أَوْ شَرْعًا فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْآبِقِ وَلَا الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْمَعَاصِي؛ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ غَيْرِ مَقْدُورَةِ الِاسْتِيفَاءِ شَرْعًا.
وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْعَمَلُ الْمُسْتَأْجَرُ لَهُ فَرْضًا وَلَا وَاجِبًا عَلَى الْأَجِيرِ قَبْلَ الْإِجَارَةِ فَإِنْ كَانَ فَرْضًا أَوْ وَاجِبًا قَبْلَهَا لَمْ يَصِحَّ.
وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مَقْصُودَةً مُعْتَادًا اسْتِيفَاؤُهَا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَلَا يَجْرِي بِهَا التَّعَامُلُ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَشْجَارِ لِتَجْفِيفِ الثِّيَابِ عَلَيْهَا.
وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَقْبُوضَ الْمُؤَاجِرِ إذَا كَانَ مَنْقُولًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَبْضِهِ فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ.
وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً.
وَمِنْهَا أَنْ لَا تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَنْفَعَةً هِيَ مِنْ جِنْسِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَإِجَارَةُ السُّكْنَى بِالسُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ بِالْخِدْمَةِ.
وَمِنْهَا خُلُوُّ الرُّكْنِ عَنْ شَرْطٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ.
وَأَمَّا شَرَائِطُ اللُّزُومِ فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ صَحِيحًا.
وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ بِالْمُسْتَأْجَرِ عَيْبٌ فِي وَقْتِ الْعَقْدِ وَوَقْتِ الْقَبْضِ يُخِلُّ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَلْزَمْ الْعَقْدُ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجَرُ مَرْئِيًّا لِلْمُسْتَأْجِرِ.
وَمِنْهَا سَلَامَةُ الْمُسْتَأْجَرِ عَنْ حُدُوثِ عَيْبٍ بِهِ يُخِلُّ بِالِانْتِفَاعِ فَإِنْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ يُخِلُّ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ لَمْ يَبْقَ الْعَقْدُ لَازِمًا.
وَمِنْهَا عَدَمُ حُدُوثِ عُذْرٍ بِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَبِالْمُسْتَأْجَرِ حَتَّى لَوْ حَدَثَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِالْمُسْتَأْجِرِ عُذْرٌ لَا يَبْقَى الْعَقْدُ لَازِمًا.
وَمِنْهَا عَدَمُ عِتْقِ الْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ حَتَّى لَوْ آجَرَ رَجُلٌ عَبْدَهُ سَنَةً فَلَمَّا مَضَى سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَعْتَقَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ مَضَى عَلَى الْإِجَارَةِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ.
وَمِنْهَا عَدَمُ بُلُوغِ الصَّبِيِّ الْمُسْتَأْجَرِ آجَرَهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّ أَبِيهِ أَوْ جَدُّهُ أَوْ وَصِيُّ جَدِّهِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
(وَأَمَّا بَيَانُ) (أَنْوَاعِهَا) فَنَقُولُ إنَّهَا نَوْعَانِ: نَوْعٌ يَرِدُ عَلَى مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ كَاسْتِئْجَارِ الدُّورِ وَالْأَرَاضِي وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَنَوْعٌ يَرِدُ عَلَى الْعَمَلِ كَاسْتِئْجَارِ الْمُحْتَرِفِينَ لِلْأَعْمَالِ كَالْقِصَارَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْكِتَابَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَأَمَّا) (حُكْمُهَا) فَوُقُوعُ الْمِلْكِ فِي الْبَدَلَيْنِ سَاعَةً فَسَاعَةً إلَّا بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ.
(وَأَمَّا) (كَيْفِيَّةُ انْعِقَادِهَا).
فَالْإِجَارَةُ عِنْدَنَا تَنْعَقِدُ فِيمَا بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لِلْحَالِ وَتَنْعَقِدُ سَاعَةً فَسَاعَةً فِي حَقِّ الْحُكْمِ وَهُوَ الْمِلْكُ عَلَى حَسَبِ حُدُوثِ الْمَنْفَعَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَأَمَّا) (صِفَتُهَا) فَهِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ إذَا كَانَتْ صَحِيحَةً عَارِيَّةً عَنْ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَمَا صَلَحَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ كَالنُّقُودِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ صَلَحَ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةً فِي الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَصْلُحُ ثَمَنًا صَلَحَ أُجْرَةً أَيْضًا كَالْأَعْيَانِ مِثْلِ الْعَبِيدِ وَالثِّيَابِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
إنْ كَانَ الْأَجْرُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْقَدْرِ أَنَّهُ كَذَا وَبَيَانِ الصِّفَةِ أَنَّهُ جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ وَيَقَعُ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنْ كَانَتْ فِي الرَّوَاجِ عَلَى السَّوَاءِ وَلَا فَضْلَ لِلْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ وَيُعْطِي الْمُسْتَأْجِرُ أَيَّ النُّقُودِ شَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مَجْهُولَةً؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجَهَالَةَ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ النُّقُودُ فِي الرَّوَاجِ عَلَى السَّوَاءِ وَلِلْبَعْضِ صَرْفٌ عَلَى الْبَعْضِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَرْوَجَ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْأَرْوَجِ، وَإِنْ كَانَ لِلْآخَرِ فَضْلٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، وَإِنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ مَوْضِعِ الْإِيفَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا لَا يُشْتَرَطُ، وَإِذَا كَانَ لِلْأُجْرَةِ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ الْإِيفَاءِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعِنْدَهُمَا لَا تَفْسُدُ وَيَدْفَعُ حَيْثُ الْأَرْضُ وَالدَّارُ وَفِي الْحُمُولَةِ حَيْثُمَا وَجَبَ لَهُ، يَعْنِي: كُلَّمَا حَمَلَ مِنْ الْمَسَافَةِ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَفِي الْعَمَلِ حَيْثُ يُوفِيهِ الْعَمَلُ فَإِنْ طَالَبَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يُكَلَّفْ بَلْ يَسْتَوْثِقْ مِنْهُ لِيُوفِيَهُ فِي مَوْضِعِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ أَخَذَ بِهِ حَيْثُ شَاءَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَا يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْأَجَلِ فَإِنْ بَيَّنَ صَارَ مُؤَجَّلًا كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ عُرُوضًا أَوْ ثِيَابًا يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَالْأَجَلِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ إلَّا سَلَمًا فَيُرَاعَى فِيهَا شَرَائِطُ السَّلَمِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْعَبِيدِ وَالْجَوَارِي وَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً مُشَارًا إلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَنْفَعَةً فَهِيَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ إنْ كَانَتْ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ كَالسُّكْنَى بِالرُّكُوبِ وَالزِّرَاعَةِ بِاللُّبْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا بِخِدْمَةِ عَبْدٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَأَمَّا إذَا قُوبِلَتْ بِجِنْسِهَا كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا بِسُكْنَى دَارٍ أُخْرَى أَوْ رُكُوبِ دَابَّةٍ بِرُكُوبِ دَابَّةٍ أُخْرَى أَوْ زِرَاعَةِ أَرْضٍ بِزِرَاعَةِ أَرْضٍ أُخْرَى فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ فَلْسًا فَغَلَا أَوْ رَخُصَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْآجِرِ الْفَلْسُ لَا غَيْرُ، وَإِنْ كَسَدَ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا يَنْقَطِعُ إذَا اسْتَأْجَرَ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَجَعَلَ أَجَلَهُ قَبْلَ انْقِطَاعِهِ فَهُوَ مِثْلُ الْفَلْسِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا يَخْدُمُهُ شَهْرًا بِخِدْمَةِ أَمَتِهِ فَهَذَا فَاسِدٌ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ أَعْطَى الْبَقَرَ وَأَخَذَ الْحِمَارَ جَازَ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا خَيْرَ فِي مُعَاوَضَةِ الثِّيرَانِ بِالثِّيرَانِ لِلْأَكْدَاسِ؛ لِأَنَّهَا اسْتِبْدَالُ مَنْفَعَةٍ بِمَنْفَعَةٍ مِنْ جِنْسِهَا ثُمَّ إذَا قُوبِلَتْ الْمَنْفَعَةُ بِمَنْفَعَةٍ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهَا حَتَّى فَسَدَ الْعَقْدُ وَاسْتَوْفَى الْآجِرُ الْمَنْفَعَةَ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَتَهَايَآ فَخَدَمَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يَخْدُمْ الْآخَرَ فَلَا أَجْرَ لَهُ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي جَامِعِهِ إذَا كَانَ عَبْدٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ آجَرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ لِيَخِيطَ مَعَهُ شَهْرًا عَلَى أَنْ يَصُوغَ نَصِيبَهُ مَعَ هَذَا شَهْرًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي الْعَمَلَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ إذَا كَانَا فِي عَبْدَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.